التدهور البيئي
يتعرض التنوع البيولوجي الغني في البحر الأبيض المتوسط للخطر بسبب فقدان المواطن (الموائل)، وأشكال مختلفة من التلوث، بما في ذلك البلاستيك في البحر، والاستغلال المفرط للمصادر الطبيعية. يجب أن نتصرف بحزم للحفاظ على الإرث الطبيعي وحماية التوازن الدقيق لنظمنا البيئية.
جوادالونا الشاعر
تعد منطقة المتوسط موطنًا للعديد من الموائل والأنواع والمساحات الطبيعية الفريدة، لكنها تواجه تسارعًا في التدهور البيئي مؤثرًا على أنظمتنا الاجتماعية والبيئية من خلال فقدان التنوع البيولوجي، وزيادة التلوث، وندرة المياه، وتدهور السواحل، وانعدام الأمن الغذائي. تتأثر منطقتنا، بتنوعها البيولوجي والجغرافي، بشكل ينذر بالخطر من جراء هذه الأزمة البيئية والطاقية والمناخية المتفاقمة.
مع ارتفاع معدلات التآكل، وانخفاض مستويات المكونات العضوية في التربة، وزيادة معدلات هجر الأراضي التي تصل إلى 30٪، تحتاج منطقة المتوسط إلى حلول مبتكرة لمعالجة التدهور البيئي، ولاسيما في القطاع الزراعي.
وفي خضم هذه التحديات المتصاعدة، تظهر العقول المبدعة، مثل جوادالونا الشاعر، المؤسسة المشاركة والرئيس التنفيذي لشركة “روبوتات لوكسيد LUXEED Robotics“، وهي رائدة أعمال في مجال التكنولوجيا الزراعية وتقود ثورة في تقنيات إزالة الأعشاب الضارة. تهدف شركتها الناشئة، باستخدام الليزر والذكاء الاصطناعي، إلى تطوير صناعة زراعية أكثر استدامة وكفاءة، ومكافحة التدهور البيئي في منطقتنا.
“أنا جزء من جيل واعٍ وقلق بشأن تغير المناخ ويريد العمل لإحداث تغيير”.
لطالما كان هدف جوادالونا واضحًا دائمًا: التصدي لتغير المناخ والتدهور البيئي من خلال التكنولوجيا والهندسة. وتقول: “أصبحت الأراضي شحيحة، ويتزايد عدد السكان ونقص المياه …وهنا يمكن أن تساعد التكنولوجيا والتقنيات المبتكرة في معالجة هذه القضايا. على سبيل المثال، يمكن للتقنيات الجديدة توفير ما يصل إلى 50٪ من استخدام المياه في الزراعة.
تمثل الأعشاب الضارة مشكلة زراعية عالمية، وخاصة للمحاصيل. ويقوم مشروع جوادالونا على استبدال استخدام مبيدات الأعشاب، الطريقة الأكثر شيوعًا، بتقنيات جديدة أكثر مراعاة للبيئة تساعد في تجديد التربة وإزالة الأعشاب الضارة. وتؤكد رائدة الأعمال، لا تسعى روبوتات لوكسيد إلى إحداث ثورة في مكافحة الأعشاب الضارة فحسب، بل تَعِد أيضًا بالحفاظ على المياه، وتحسين صحة التربة، وزيادة غلة المحاصيل. وهذا يجعل الزراعة المستدامة في متناول الجميع، وتلبي احتياجات القطاع من خلال زيادة الكفاءة وتحسين جودة المحاصيل.
لطالما كانت لدى جوادالونا رؤية واضحة بأن تصبح مهندسة ميكانيكية. فحتى في طفولتها، كان لديها شغف “ببناء الأشياء”، لكنها لم تفكر في الجمع بين هذا الشغف وريادة الأعمال إلا في سنوات دراستها الجامعية. وبتشجيع من أحد أساتذتها، بدأت في استكشاف قطاع التكنولوجيا الزراعية، لتنفيذ أفكار متطورة مستلهمة جزئيًا من والدها، وهو تاجر محاصيل زراعية.
تتذكر قائلة: “في الواقع، وُلدت شركة روبوتات لوكسيد من برنامج هاكاثون في الجامعة“. فبعد استشارة العديد من الخبراء والبحث في التحديات الزراعية الحالية، قررت جوادالونا وفريقها التركيز على إدارة الأعشاب الضارة وتحسينها: “عندما قررنا اللجوء إلى (تقنية الليزر والذكاء الاصطناعي)، لم يكن أحد يستخدمها آنذاك، وكان الأمر منطقيًا بالنسبة لنا ميكانيكيًا وبيئيًا“.
انتهى المطاف بمشروع لوكسيد ليكون الفائز بمسابقة الطلاب، ما أثاراهتمامًا كبيرًا بين الجمهور وقاد جوادالونا وفريقها إلى برنامج تسريع الأعمال لمعرفة المزيد عن الريادة. وبالتالي، تحول ما بدأ كمشروع جامعي إلى مبادرة ملموسة يمكنها إحداث ثورة في تقنيات الزراعة ومعالجة التدهور البيئي.
ولم يكن تحويل هذه الفكرة إلى واقع ملموس خاليًا من التحديات. بصفتها امرأة شابة في قطاع التكنولوجيا الزراعية، أوضحت جوادالونا أنه ليس من السهل دائمًا الحصول على التمويل أو العثور على نساء أخريات يعملن في نفس المجال. “لقد وجدت نساء بارزات دعمتني ومكتنني من الوصول إلى التمويل والاستثمار، لكن لم يكن لدى جميع رائدات الأعمال نفس التجربة. يمكن أن يؤدي العمل في قطاع به عدد قليل جدًا من النساء إلى العزلة“.
وتعتقد جوادالونا أنه من الضروري أن تعمل المزيد من النساء في وظائف مهنية في القطاعين المالي والهندسي، وأن يزداد الاستثمار في الشركات التي تقودها النساء وضمان وجود المرأة في مجال التكنولوجيا الزراعية. فالمرأة المهندسة ضرورية بالفعل للانتقال نحو زراعة أكثر خضرة وكفاءة.
ومع استمرار تطور روبوتات لوكسيد، تأمل جوادالونا أن تستفيد الصناعة الزراعية في منطقة المتوسط من التعاون الأوسع نطاقًا بين الضفتين. وترى أن المزيد من التعاون في منطقتنا سيؤدي إلى تبادل أكبر لأفضل الممارسات وسهولة الوصول إلى التمويل، وهما عنصران أساسيان لدفع ثورة مستدامة داخل القطاع ومعالجة التدهور البيئي.
وتقول أيضا: “المزيد من المزارع العضوية، مع التحليلات التقنية والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات المبتكرة، سيؤدي إلى تحسين الموارد في الزراعة، وصولًا، إلى مستقبل أكثر استدامة في المنطقة“.
وبينما نتطلع إلى المستقبل، من الأهمية أن يدعم الأفراد والشركات والمنظمات والحكومات المبادرات المستدامة مثل روبوتات لوكسيد. فمعًا يمكننا حماية التراث الغني لمنطقة المتوسط وضمان بيئة مزدهرة للأجيال القادمة.